نشاز هي جمعية ذات طابع ثقافي وفكري ومدني، تسعى إلى الإسهام في بناء فضاءٍ للنقاش، وفي توضيح ونشر الفكرة الديمقراطية… ولهذا الغرض، تهدف إلى تعبئة موارد الويب واستثمار الإمكانيات المتاحة اليوم في الفضاء العام.
تسعى جمعية “نشاز” إلى أن تكون حرفيًا مكانًا للّقاءات: لقاء الأفكار، والرؤى المتعددة التخصصات، والموارد التوثيقية… فضاءً لأنشطة تُعنى بالقضايا الجوهرية المتصلة بالسياسة والمجتمع والثقافة، في تفاعلٍ مع ما نراه يُحرّك بعمق المجتمع التونسي منذ 14 جانفي.
تحرير الكلمة يجب أن يكون تحريرًا لكلّ الكلمات، أو لا يكون: فكلّ فرد، من مختلف الأوساط الاجتماعية، ومن جميع الأجيال، وعلى اختلاف المستويات التعليمية، بات يدرك هذه الحقيقة الأولى في جوهر المطلب الديمقراطي: أنّ كلّ صوتٍ له قيمة.
يتكوّن الفريق المؤسِّس من أساتذة وباحثين، جامعيين وغير جامعيين، ومترجمين… جمعتهم الصداقة وبعض التقاطعات الفكرية، التي وإن بدت غامضة أو متحرّكة، فإنها تظلّ متينة بما يكفي لتشكّل أساسًا للتفاهم ولأفقٍ مشترك، قد نتردّد في تسميته بكلمة واحدة: الثقافة، أو الاهتمام بـ«الدفاع عن المجتمع» بالمعنى الذي أعطاه ميشال فوكو لهذه العبارة.
غير أنّ الهدف الذي تسعى إليه «نشَز»، كموقع وكجمعية، ليس الانغلاق على ذاتها أو الاكتفاء بدائرة من «الديمقراطيين» الذين يعلنون أنفسهم كذلك. بل ستكون قبل كل شيء فضاءً للاختلاف المُعترف به والمُعلن والمكتوب، سواء على الويب أو في الفضاء العام.
سيُخصَّص حيّز واسع للنقاش، للحوار القائم على الحجة بالحجة، والتفكير في مواجهة التفكير، بين مثقفين وفاعلين من مشارب وأجيال مختلفة. والاستثناء الوحيد سيكون الإقصاء الموجَّه لأي خطاب يُقدَّم باسم شرعيةٍ متخيَّلة، دينية كانت أو هويّاتية أو حتى «علمانية متشددة».
يتكوّن الفريق المؤسِّس من مختصين في العلوم الاجتماعية، وكُتّاب، ونقّاد أدب وسينما، ومترجمين، وناشطين جمعياتيين — وهي تركيبة تُتيح القيام بأنشطةٍ بالشراكة مع منظمات غير حكومية من مجالات متعدّدة: اجتماعية، ثقافية، سياسية، أكاديمية…
ينتمي معظم أعضاء المجموعة إلى شبكات ذات طابع مدني، وقد شاركوا، بدرجات متفاوتة من الاستمرارية، في هياكل جمعياتية مختلفة، تراوحت بين الدفاع عن حقوق الإنسان والورشات الأدبية والسينمائية.
الأعضاء المؤسسون:
موقع “نشاز” موجود منذ منتصف عام 2012. ومن وجهة نظر الكثيرين، كما تثبت الشهادات على الإنترنت وفي بعض وسائل الإعلام التونسية والمغاربية، يُعدّ من المبادرات الفكرية الأكثر نجاحًا بعد 14 جانفي 2011. تشكّل هذه التجربة الأولى مرحلة وانطلاقة نحو مرحلة ثانية نطمح لأن تكون أكثر طموحًا:
ظلّ هذا الموقع في حالة خمول لعدة أشهر. شعر العديد من أصدقائنا أنه بعد انطلاقه السريع، توقفت التجربة فجأة، كما لو كانت في منتصف الطريق. لن نبحث عن أعذار، الحقيقة هي أنه حدث تراجع سريع في النشاط. ربما قدّرنا قدراتنا أكثر من اللازم… وكان هناك أيضًا بعض الصعوبات المالية: فالحماس وروح المبادرة لا يكفيان لتسيير الآلة، بل هناك حاجة أيضًا للمهارات التقنية والتفرغ لضمان استمرارية أنشطتنا.
لمدة طويلة، ناقشنا بشكل متقطع طرق إعادة إطلاق المشروع، بين ترفيهنا بسوء حظنا وبين قرارنا باستعادة مساحة صغيرة لنا في “الجمهورية الصغيرة للأفكار والثقافة” وفي الورشة الكبيرة التي أصبحها الوطن.
في الواقع، لم نعد نعرف أين نضع الميزان بين المطالبة الثقافية والفكرية التي ميّزت التزامنا منذ البداية، وضرورة المشاركة. شعرنا إلى حد ما بأننا خارج المكان حيث يُبدع الناس ويتحركون…
لكن بعض الحقائق أصبحت واضحة سريعًا للجميع: ضرورة فتح المشروع على آفاق جديدة، وإتاحة الموقع لمجالات متعددة، وتجهيز أنفسنا بوسائل وإدارة أساسية لضمان المتابعة والتنسيق… ومن هنا، فرضت فكرة تأسيس جمعية نفسها بشكل طبيعي. وقد تحقق ذلك منذ أكثر من عام. أصبح “نشاز” ليس مجرد مجلة إلكترونية، بل جمعية تونسية. جمعية تُكمّل وتُحوّل وتوسّع الغاية الأصلية للموقع.
أصبحت الجمعية الآن ثقافية بالمعنى الواسع للكلمة، تسعى إلى المشاركة، وتحفيز ودعم المبادرات الإبداعية وتبادل الخبرات التي تنبت هنا وهناك…
وهي جمعية تطمح إلى تجاوز الانغلاق على نفسها في تونس “المفيدة”، وتطوير شراكات لإقامة فعاليات محلية ذات طابع مدني، أدبي، سينمائي، في عمق البلاد…
تتوزع أنشطتنا الآن ضمن برامج محددة بزمنها. أطلقنا ورشات شبابية في ثلاث مناطق حول موضوع “الديمقراطية المحلية”. ومن وجهة نظرنا، يتعلق الأمر ببناء “جامعة المواطنة” على نطاق صغير، لإثبات إمكانية المشروع لشركائنا المستقبليين…
أما الموقع، بعد إعادة تهيئته، فسيكون نافذة على أنشطة الجمعية، وفضاءً أوسع لتبادل الخبرات والمشاركة.